جرافة حسام دوايات قتلت 4 يهود وأسقطت 40 جريحا في القدس الغربية
مقدسي ينفذ فيلما فدائيا واقعيا
اليوم ـ الضفة الغربية
جندي إسرائيلي يتفحص جثمان منفذ الهجوم بالجرافة أمس
صدم سائق جرافة مقدسي، ظهر أمس الأربعاء، حافلات ركاب إسرائيليـــة وسيارات فـــي واحد من أكثر شوارع القدس الغربيـــة التـــي يقطنها اليهود، ازدحاما، فقتل 4 إسرائيلـــيين وأسقط 40 مصابا قبل أن يطلــق عليه رجل شرطــــة وأحد المارة الرصاص ويرديانه قتيلا على مقعد جرافته، بحسب مصادر إسرائيلـــية من شهود عيان وشرطـــة ومستشفيات، إضافة لمراسلين في الموقع. وذكرت الشرطة أن سائق الجرافــة التي تزن 20 طنا قتل برصاص مدني وشرطي تسلق الى كابينة القيادة في حين كانت الجرافة تثير الفوضى في شارع يافا حيث قلبت حافلة عامة وسحقت سيارات على مسافة 500 متر. ووصف مراسلون اسرائيليون مشهد الجرافة وهي تقلب وتحطم وتصعد على السيارات بأنه أشبه بفيلم وليس حقيقة. ونفت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) الحاكمة في قطاع غزة، أي مسؤولية لها في الهجوم الذي بررته بالعدوان الإسرائيلي الذي لا يتوقف على الشعب الفلسطيني ووصفته بأنه طبيعي، وكذلك أعلنته حركة الجهاد الإسلامي التي نفت أي علاقة لها به، فيما أدانه البيت الأبيض كما أدانته عواصم أوروبية. وأكد الناطق باسم حماس سامي أبوزهري إن الحركة ليس لديها معلومات حول دوافع الهجوم. وقال أقارب والشرطة ان المهاجم يدعى حسام دوايات وكان يعمل عامل بناء ويبلغ 30 عاما من القدس الشرقية (العربية). وتحاول الشرطة معرفة ما اذا كان تصرف بمفرده، وسربت أجهزة الامن معلومات شخصية عنه.. وقالت إنه تزوج من يهودية وأنجب منها بنتا، ومنذ 4 سنوات وهو متزوج من مقدسية وله منها طفلان (5 و3 سنوات).
ووصف مساعد للرئيس الفلسطيني محمود عباس الهجوم بأنه محاولة لتقويض مفاوضات السلام وحث اسرائيل على التحلي بضبط النفس في ردها. وأعلنت مصادر الحكومة أن الرئيس الامريكي جورج بوش اتصل برئيس الوزراء ايهود اولمرت لتقديم التعازي.
وأوضحت مشاهد تليفزيونية بعد الهجوم العديد من المارة وهم يلاحقون الجرافة التي كانت تشق طريقها وسط زحام المرور قبيل وقت الغداء. وتسلق رجال بملابس مدنية الجرافة وأطلق أحدهم الرصاص من مسدس على كابينة القيادة في حين كان آخرون يتصارعون بالداخل.
وبعد الشجار أطلق ضابط شرطة يرتدي خوذة وسترة واقية بندقيته الهجومية على الشخص المتداعي في كابينة القيادة. وقال الضابط في وقت لاحق للصحفيين انه اطلق النار مرتين خشية ان يكون الرجل المصاب ما زال يمثل خطرا على الناس.
وقال شموئيل بن روبي المتحدث باسم الشرطة «أحدثت جرافة يقودها عربي حالة من الهياج في طريق يافا وصدمت مارة وحافلات وسيارات.»
وقال شاهد عيان يدعى موشي أورين «الطريقة الوحيدة لايقافه كانت عيارا ناريا في الرأس. رأينا مدنيا يقفز على الجرافة ويطلق النيران على الرجل، شعرنا بارتياح».
وقال مسؤولون طبيون ان اكثر من 40 شخصا نقلوا الى المستشفى. وتوفي رجلان اسرائيليان وامرأة.
وهذا هو أول هجوم يشنه مقدسي منذ أن قتل مسلح 8 طلبة يهود في السادس من مارس في معهد ديني على مسافة قصيرة من شارع يافا.
ولحقت أضرار بعدة مركبات بينها سيارة «فان» تحطم الجزء الأمامي منها بالكامل وحافلة الركاب رقم 13 التي انقلبت على جانبها. ولطخت الدماء زجاج الحافلة المتناثر وشكلت بقع الدم خطا بطول الشارع.
وتجري أعمال حفر في الشارع في إطار مشروع لإقامة خط سكة حديدية خفيفة في المدينة.
وكان المشهد بعد وقوع الحادث شبيها بما حدث في تفجيرات فدائية دمرت حافلات في شارع يافا في موجة هجمات عام 1996 وفي السنوات الاولى من الانتفاضة الفلسطينية التي بدأت عام 2000.
ومنذ ذلك الحين أصبحت الهجمات القاتلة على الاسرائيليين نادرة نسبيا رغم إطلاق الصواريخ وقذائف المورتر المتكرر من غزة. وقتلت القوات الاسرائيلية أكثر من 360 فلسطينيا هذا العام اغلبهم في غزة وكثير منهم مدنيون.
وقال سامي أبو زهري المتحدث باسم حماس في قطاع غزة «نحن لا نتوقع أن يكون لها تأثير على التهدئة في غزة.» وأضاف «هناك عدوان مستمر ضد أهلنا في الضفة الغربية والقدس ومن الطبيعي أن يكون لأهلنا هناك دور للرد على عدوان من هذا النوع».
وقالت حركة الجهاد الإسلامي في بيان ان الهجوم «رسالة واضحة للعدو المجرم» وعليه «أن يترقب المزيد طالما استمر الاحتلال والعدوان بحق شعبنا». وحذرته من استمرار الحصار على غزة خاصة ان كل المعطيات تؤكد انه لم يلتزم بتنفيذ التهدئة وفتح المعابر». وأضافت «اذا ظن العدو ان تهدئة غزة ستحقق له الأمن وستسمح له بالاستفراد في الضفة.. فهو واهم».
وعلى عكس الفلسطينيين في الضفة الغربية المحتلة فإن من يقيمون في القدس الشرقية التي احتلتها اسرائيل أيضا في حرب 1967 يمكنهم دخول القدس الغربية وما حولها، لكونهم يحملون هويات إسرائيلية.
منفذ عملية الجرافة هو المقدسي حسام تيسير دويات من سكان حي صور باهر بالقدس الشرقية، متزوج ولديه ابنان. وقبل أن يدخل المعزون والصحافيون هذا الحي، طوقت شرطة الاحتلال وأجهزة مخابراته المكان لساعات عديدة ومنعت الجميع من الوصول إلى البيت حتى انتهاء التحقيقات التي تواصلت زهاء 3 ساعات، بحسب مراسلين في المكان.
وعندما خرجت الشرطة زغردت والدة حسام أمام الصحافيين والكاميرات معلنة أن حسام شهيد. وروى جيران العائلة سيرة لحسام قائلين إنه كان شخصا عاديا جدا ولم يتبع أي تنظيم للمقاومة. وعمل سائقا للجرار منذ شهرين. وتتألف عائلة والديه من 4 أخوة و4 أخوات.
واستغرب سكان الحي وقوع الخبر ورجحوا أن العملية ليست فدائية منظمة، ولا احد يعرف قصد حسام من هذا العمل. ورجحوا ان تعمد سلطات الاحتلال الى هدم بيته وسحب الهويات الإسرائيلية من عائلته.
ميكي روزنفيلد المتحدث باسم شرطة الاحتلال وصف الهجوم بأنه «عملية إرهابية». وبحسب التلفزيون الإسرائيلي فإن دوايات كان ينفذ الهجوم بمبادرة فردية. وقالت مراسلته العسكرية إن الأجهزة الأمنية تحاول وأد مثل هذه العمليات وهي في طور الاعداد ولكنها لا تستطيع أن تمنعها مطلقا. وأشار روزنفيلد إلى أن السلطات لم تتلق أية تحذيرات محددة عن هجوم وشيك إلا أنها أعلنت حالة التأهب عقب الحادث.
ومساء، نقلت وكالة الأنباء الفرنسية عن «جماعة فلسطينية» مجهولة أطلقت على نفسها «كتائب أحرار الجليل»، تبنيها لهجوم الجرافة. وكانت هذه المجموعة أعلنت مسؤوليتها عن هجوم المدرسة التلمودية في 6 مارس في القدس.
وبعد اتصاله بأولمرت معزيا، أجرى الرئيس الأمريكي اتصالا هاتفيا برئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس وتداولا في مفاوضات السلام، بحسب الناطق الرئاسي الفلسطيني نبيل أبو ردينة. وقال إن بوش أكد لعباس استعداده للتدخل في المفاوضات متى اقتضت الحاجة، كما أكد له أن وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس ستبقى تعمل مع الجانبين بشكل مستمر، وأنها ستستقبل الوفدين المفاوضين في منتصف الشهر الجاري.
وأضاف أبو ردينة أن بوش جدد التأكيد على هدفه المتمثل بإقامة دولة فلسطينية مستقلة وعلى عمله لتحقيق هذه الرؤية، مؤكدا على ثقته في إنجازها.
وقال أبو ردينة إن عباس أكد في المقابل على ضرورة الإسراع في التوصل إلى اتفاق هذا العام، وعلى ضرورة استمرار بذل الجهود وإزالة العقبات التي تواجهنا من اجل الوصول إلى اتفاق.
كما أكدت المتحدثة باسم البيت الأبيض دانا بيرينو أن بوش تحدث إلى أولمرت بشأن عملية السلام في الشرق الأوسط أيضا.