الرياضة والسياسة يمتزجان دائما في الدورات الاولمبية

على مدار 112 عاما مضت، فشلت جميع محاولات الفصل بين الرياضة والسياسة خلال دورات
الألعاب الاولمبية الحديثة التي انطلقت فعالياتها من العاصمة اليونانية أثينا عام
1896 والتي تصل إلى أحدث محطاتها من خلال العاصمة الصينية بكين يوم الجمعة
المقبل.

وتمثل الدورة التاسعة والعشرون التي تستضيفها بكين في الفترة من
الثامن إلى 24 آب/أغسطس الجاري تأكيدا جديدا على صعوبة الفصل بين الرياضة
والسياسة.

وشهدت الدورات الاولمبية الحديثة هذا التداخل بين السياسة
والرياضة منذ الدورة الأولى التي أقيمت في أثينا عام 1896 حيث شاركت فيها المجر
ببعثة مستقلة رغم أنها كانت جزءا من الإمبراطورية النمساوية المجرية.

وأشار
الفرنسي بيير دي كوبيرتان مؤسس الدورات الأولمبية الحديثة إلى ذلك قائلا إن
"السياسات الجغرافية الاولمبية التي تبطل سيادة الدولة".

وأصبح الأمريكي
جيمس كونولي نجم الوثبة الثلاثية أول لاعب يحرز لقب إحدى المسابقات في الدورات
الاولمبية الحديثة وذلك بعد 1583 عاما من قرار الإمبراطور البيزنطي تيودوروس في عام
400 ميلادية بمنع إقامة الدورات الاولمبية.

وتوج راعي الماشية اليوناني
سبيريدون لويس بلقب سباق الماراثون في تلك الدورة بعدما تفوق على جميع المشاركين في
هذا السباق والذين بلغ عددهم 245 عداء من 14 دولة.

وتوالى ظهور النجوم
البارزين في الدورات الاولمبية التالية وكان من بينهم جيسي أوينز وبافو نورمي وجوني
ويسمولر ومارك سبيتز وفاني بلانكرز كوين ولاريسا لاتينينا.

وتحولت الدورات
الاولمبية في حد ذاتها حاليا إلى ماراثون مثير حيث أصبحت حدثا هائلا يتنافس فيه
أكثر من عشرة آلاف لاعب ولاعبة على 302 ميدالية ذهبية ضمن 28 رياضة
مختلفة.

كما يتابع الدورة الاولمبية القادمة في بكين نحو 25 ألف من
المراسلين والعاملين في مختلف وسائل الإعلام العالمية ويشاهدها عبر التلفزيون
مليارات من المشجعين.

وتحقق الدورة الاولمبية الدولية أرباحا بملايين
الدولارات من خلال الرعاة وحقوق البث التلفزيوني ولم يسمح للاعبين المحترفين
بالمشاركة في الدورات الاولمبية إلا منذ حقبة الثمانينيات من القرن العشرين مع تطور
الروح التجارية للدورات الاولمبية.

وعانى العداء الفنلندي بافو نورمي من
قواعد الدورات الاولمبية التي كانت تقصر المشاركة قبل ذلك على الهواة فقط حيث حرم
نورمي من المشاركة في أولمبياد 1932 في لوس أنجليس رغم فوزه بتسع ذهبيات في الدورات
التي سبقتها.

في المقابل استفاد السباح الأمريكي ويسمولر من شهرته التي
نالها من خلال إحراز ثلاث ذهبيات في أولمبياد 1924 حيث ساعدته هذه الشهرة على
الدخول لعالم السينما فتألق في دور طرزان.

وأصبح جيسي أوينز أو نجم بارز
حقيقي في تاريخ الدورات الاولمبية حيث أحرز أربع ذهبيات في أولمبياد برلين 1936
وكانت في سباقات العدو 100 متر و200 متر و 4 × 100 متر تتابع بالإضافة لمسابقة
الوثب الطويل وهو الإنجاز الذي لم يحققه أي لاعب سوى كارل لويس في أولمبياد لوس
أنجليس 1984 .

وتسببت هذه الذهبيات الأربع التي أحرزها الأمريكي أوينز
(أفريقي الأصل) في صدمة كبيرة للزعيم الألماني النازي أدولف هتلر الذي أراد مع حزبه
النازي في إظهار تفوق الجنس الآري من خلال هذه الدورة.

وحرمت ألمانيا من
المشاركة في الدورات الاولمبية التي أقيمت عقب الحربين العالميتين الأولى والثانية
قبل أن تلقي الحرب الباردة والقضايا السياسية الأخرى بظلالها لفترة طويلة على
الدورات الاولمبية التالية.

وشهد أولمبياد ميونيخ 1972 مقتل 11 فردا بعد
هجوم من قبل متطرفين فلسطينيين على مقر معسكر البعثة الإسرائيلية المشاركة في
الدورة.

وقال أفري برونداج رئيس اللجنة الاولمبية الدولية آنذاك إن "الدورة
يجب أن تستمر" وهو ما حدث بالفعل.

وشهد أولمبياد موسكو 1980 مقاطعة الولايات
المتحدة وعدد من دول الغرب لفعاليات الدورة بسبب الغزو السوفيتي لأفغانستان ورد
الاتحاد السوفيتي السابق على ذلك بمقاطعة أولمبياد لوس أنجليس 1984 مع عدد من دول
الكتلة الشرقية بدعوى وجود مخاوف أمنية.

ورغم فوز ربة المنزل الهولندية
بلانكرز كوين بأربع ميداليات ذهبية في أولمبياد 1952 فإن الدورات الاولمبية كانت في
حاجة إلى مشاركة المحترفين في فعالياتها.

وما زال السباح سبيتز محتفظا
بالرقم القياسي لعدد الميداليات الذهبية التي يحرزها أي سباح في دورة أولمبية واحدة
حيث أحرز سبع ذهبيات في أولمبياد 1972 بينما يشاركه في الرقم القياسي لعدد
الميداليات الذهبية التي يحرزها أي لاعب في تاريخ مشاركاته الاولمبية (تسع ذهبيات)
كلا من نورمي ولويس ولاعبة الجمباز السوفيتية الأسطورية لاتينينا.

وساهم
التطور في الروح التجارية للدورات الاولمبية في منح الكثير من الشهرة والمال لأصحاب
الألقاب والميداليات والإنجازات الاولمبية ولكنها ساهمت في سعي بعض الرياضيين
للاستعانة بالمواد المنشطة المحظورة سعيا وراء تلك الألقاب والإنجازات.

وجرد
العداء بن جونسون من الميدالية الذهبية التي أحرزها في سباق العدو 100 متر
بأولمبياد سول 1988 بسبب تعاطي المنشطات لتكون واحدة من أبرز فضائح المنشطات في
التاريخ الاولمبي.

كما جردت حديثا العداءة الأمريكية ماريون جونز من ثلاث
ذهبيات وبرونزيتين أحرزتها في أولمبياد سيدني 2000 بعد اعترافها مؤخرا بتعاطي
المنشطات ليحكم عليها أيضا بالسجن.

والآن، يشهد التاريخ الاولمبي أحدث
حلقاته من خلال أولمبياد بكين الذي يتميز بوجود جميع الوجوه الممكنة في الدورات
الاولمبية.

ويشعر الرعاة بالسعادة لإقامة الاولمبياد في أحد أسرع الأسواق
نموا على مستوى العالم كما أقامت الصين مواقع ومنشآت رياضية رائعة ومثيرة للإعجاب
والجدل.

كما أثير عدد من التهديدات في الفترة الماضية بمقاطعة أولمبياد بكين
بسبب أسلوب تعامل حكومة الصين مع الاضطرابات التي شهدها إقليم التبت في وقت سابق من
العام الحالي.

وينتظر أن يجرى 4500 اختبار للكشف عن المنشطات في أولمبياد
بكين سعيا وراء خروج تلك الدورة خالية ونظيفة من المنشطات.

وقد يصبح السباح
الأمريكي مايكل فيلبس أول لاعب يحرز عشر ميداليات ذهبية في تاريخ مشاركاته بدورات
الألعاب الاولمبية.

يسلموووو يا ئمر